للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تنبيه]

اعلم -وفقك الله- أن التسليم للعالم وترك الاعتراض عليه ليس على إطلاقه، لأنه ليس معصومًا، وإنما المقصود: التسليم له في موضع الاجتهاد والاحتمال، وكذا حيث لم يستوثق المعترض من خطإ الشيخ، وكذا في حالة الاعتراض لمجرد الاعتراض ولغرضٍ نفسي بحت كما يحصل أحيانًا ممن لا هَمَّ لهم سوى إثبات وجودهم، وتحقيق ذواتهم على حَدِّ قول قائلهم: " خالف تعرف ".

* إياك أن تكون من " الصيادين " هواةِ حضور مجالس العلم لتتبع سِقط الكلام، وتصيد الأخطاء، والتشنيع بها، ونشرها في الآفاق:

قال ابن حزم في " مداواة النفوس ":

(إذا حضرت مجلس علم، فلا يكن حضورُك إلا حضورَ مستفيد، مستزيد علمًا وأجرًا، لا حضور مستغنٍ بما عندك، طالبًا عثرةً تُشَنِّعُها أو غريبة تشَيِّعُها، فهذه أفعال الأراذل الذين لا يُفلحون في العلم أبدًا) (١).

وقال العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله:

(إذا ظفرتَ بوهمٍ لعالم فلا تفرح به للحطِّ منه، ولكن افرح به لتصحيح المسألة فقط، فإن المنصف يكاد يجزم بأنه ما من إمام إلا وله أغلاط، وأوهام، لا سيما المكثرين منهم.

وما يشغب بهذا، ويفرح به للتنقص إلا متعالم " يريد أن يُطحت زُكامًا، فيُحدِث به جذامًا ").

نعم ينبه على خطأ، أو وهم وقع لإمام غُمِر في بحر علمه وفضله، لكن لا يثير الرهج عليه بالتنقص منه، والحط عليه، فيغتر به من هو مثله) (٢).


(١) " مجموع رسائل ابن حزم " ص (٤١١).
(٢) " حلية طالب العلم " ص (٥٨).

<<  <   >  >>