(الإكثار من الأسئلة مذموم، والدليل عليه النقل المستفيض من الكتاب والسنة وكلام السلف الصالح .. ) إلى أن قال رحمه الله: (والحاصل أن كثرة السؤال ومتابعة المسائل بالأبحاث العقلية والاحتمالات النظرية، مذموم، وقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وُعِظوا في كثرة السؤال حتى امتنعوا منه، وكانوا يحبون أن يجيء الأعراب فيسألون حتى يسمعوا كلامه، ويحفظوا منه العلم .. ).
ثم قال: (ويتبيّن من هذا أن لكراهية السؤال مواضع، نذكر منها عشرة مواضع:
أحدها: السؤال عما لا ينفع في الدين، كسؤال عبد الله بن حذافة:" من أبي؟ "، ورُوي في (التفسير) أنه عليه السلام سئل: ما بال الهلال يبدو رقيقًا كالخيط ثم لا يزال ينمو حتى يصير بدرًا ثم ينقص إلى أن يصير كما كان؟ فأنزل الله:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} الآية، فأنما أجيب بما فيه من منافع الدين.
وثانيها: أن يسأل بعد ما بلغ من العلم حاجته؛ كما سأل الرجل عن الحج:" أكلَّ عام؟ " مع أن قوله تعالى: {ولله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧]، قاض بظاهره أنه للأبد لإطلاقه، ومثله سؤال بني إسرائيل بعد قوله:{اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}[البقرة: ٦٧].
وثالثها: السؤال من غير احتياج إليه في الوقت، وكأن هذا -والله أعلم-