للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسنته، مع أن المؤلف لم يُرِدْ ذلك الوجه الذي وصل إليه هذا الرجل، فإذا كان الرجل ثقة ومشهودًا له بالإيمان والاستقامة فلا ينبغي أن يُحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تُعُوِّدَ منه، ومن أمثاله، بل ينبغي التأويل الصالح، وحسن الظن الواجب به وبأمثاله " (١) اهـ.

وقال أيضًا رحمه الله: " ينبغي لك أيها المسترشد أن تسلك سبيل الأدب مع الأئمة الماضين، وأن لا تنظر إلى كلام بعضهم في بعض، إلا إذا أتى ببرهان واضح، ثم إن قدرت على التأويل وتحسين الظن فَدُونَك، وإلا فاضرب صفحًا عما جرى بينهم، فإنك لم تُخْلَق لهذا، فاشتغل بما يعنيك ودع ما لا يعنيك، ولا يزال طالبُ العلم عندي نبيلاً حتى يخوض فيما جرى بين السلف الماضين، ويقضي لبعضهم على بعض.

فإياك ثم إياك أن تصغي إلى ما اتفق بين أبي حنيفة وسفيان الثوري، أو بين مالك وابن أبي ذئب، أو بين أحمد بن صالح والنسائي، أو بين أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي، وهلُمَّ جرًّا إلى زمان الشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ تقي الدين ابن الصلاح، فإنك إن اشتغلت بذلك خشيتُ عليك الهلاك، فالقومُ أئمةٌ أعلام، ولأقوالهم مَحامِلُ ربما لم يُفهم بعضُها، فليس لنا إلا الترضي عنهم، والسكوتُ عما جرى بينهم، كما يُفعل ذلك فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم " (٢) اهـ.

فائدة: من يقضي بين العلماء؟ (٣).

سئل يومًا العلامة أبو العباس عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الأبياني عن


(١) " قاعدة في الجرح والتعديل " ص (٥٣).
(٢) " طبقات الشافعية " (٢/ ٣٩).
(٣) انظر: " الرد الوافر " ص (١٤ - ٢٠).

<<  <   >  >>