للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة، وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها عن الانتقاد والتمحيص، فتقع في قبول الكذب ونقله) (١) اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: " إن الذي يتصدى لضبط الوقائع من الأقوال والأفعال والرجال، يلزمه التحري في النقل، فلا يجزم إلا بما يتحققه، ولا يكتفي بالقول الشائع، ولا سيما إن ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد من أهل العلم والصلاح، وإن كان في الواقعة أمرٌ فادح، سواء كان قولاً أو فعلاً أو موقفًا في حق المستور، فينبغي أن لا يبالغ في إفشائه، ويكتفي بالإشارة؛ لئلا يكون وقعت منه فلتة؛ ولذلك يحتاج المسلم أن يكون عارفًا بمقادير الناس وأحوالهم ومنازلهم، فلا يرفع الوضيع، ولا يضع الرفيع " (٢) اهـ.

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى-: " من الغلط الفاحش الخطر قبول قول الناس بعضهم ببعض، ثم يبني عليه السامع حبًّا وبغضًا ومدحًا وذمًا، فكم حصل بهذا الغلط أمور صار عاقبتها الندامة، وكم أشاع الناس عن الناس أمورًا لا حقائق لها بالكلية، أو لها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور، وخصوصًا من عرفوا بعدم المبالاة بالنقل، أو عرف منهم الهوى، فالواجب على العاقل التثبت والتحرز وعدم التسرع، وبهذا يُعرف دين العبد ورزانته وعقله " (٣) اهـ.

[السبب الحادي عشر: الفراغ]

فإن الاشتغال بلغو القول وتجريح الآخرين وسائر آفات اللسان إنما هو ثمرة


(١) " المقدمة " لابن خلدون (٣٥ - ٣٦).
(٢) " ذيل التبر المسبوك " للسخاوي ص (٤).
(٣) " الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة " (٢٧٢ - ٢٧٣).

<<  <   >  >>