للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السادس]

[كيف التوبة من الغيبة؟]

قال الإمام ابن مفلح رحمه الله تعالى: " التوبة هي الندم على ما مضى من المعاصي والذنوب، والعزم على تركها دائمًا لله عز وجل، لا لأجل نفع الدنيا أو أذى (١)، وأن لا تكون عن إكراه أو إلجاء، بل اختيارًا حال التكليف " (٢).

اعلم وفقك الله -أنه يجب على من تدنس بالغيبة أن يبادر (٣) بالتوبة إلى الله تعالي، وشروطها أربعة:

الأول: أن يقلع المغتابُ فورًا، ويكف عن غيبة أخيه، فالتوبة مع مباشرة


(١) وإن كفَّ حياءً من الناس؛ لم تصح توبته، ولا تكتب له حسنة، أفاده ابن مفلح في " الآداب الشرعية " (٨٥/ ١).
(٢) " الآداب الشرعية والمنح المرعية " (١/ ٨٤).
(٣) اعلم -وفقني الله وإياك لمرضاته- أن (المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها؛ عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة) أفاده ابن القيم رحمه الله وزاد: (وقلَّ أن تخطر هذه ببال التائب، بل عنده: أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة، ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة، مما يعلم من ذنوبه، ومما لا يعلم، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه، ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكنًا من العلم، فإنه عاص بترك العلم والعمل، فالمعصية، في حقه أشد)، وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: " وأستغفرك لما لا أعلم "، وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو في صلاته: " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإِسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني " الحديث، انظر: " مدارج السالكين " (١/ ٢٧٢ - ٢٧٣).

<<  <   >  >>