للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على يد من هو أهلٌ له من الكُمَّل العارفين الجامعين بينه وبين علم الظاهر على الوجه الأتم، كما قيل في شأنه:

علم به تصفية البواطنِ ... من كدرات النفس في المواطنِ

وذاك واجب على المكلف ... تحصيله يكون بالمُعَرِّف (١)

الثانية: اعْلم -أصلحك الله- أن تفضيل العالم على العابد، الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب " (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم " (٣) الحديث؛ لا يراد منه أن العالم المفضَّل عار عن العمل، والعابد عن العلم، بل المراد أن علم ذلك غالب على عمله، وعمل هذا غالب على علمه، فإن العابد إذا كان عاريًا عن العلم لا يُسمى في عرف الشرع عابدًا بل يسمى فاسقًا، لأنه بدوام تركه تعلم فروض العين لا يزال فاسقًا؛ كما قال بعض العلماء:

وجاهل لفرض عين لم يَجُز ... إطلاقُ " صالحٍ " عليه فاحترِزْ

لأنه بتركِهِ التعلُّما ... لم يَنِ فاسقًا يقول العلما

أي يقول العلماء: إنه لم يزل فاسقًا بتركه التعلم الواجب عليه، فالصالح لا يُطلق شرعًا إلا على القائم بحقوق الله وحقوق العباد، ولا يمكن ذلك بدون العلم:

وقائم بحق ربه وحق ... عباده فصالحًا قد استحق


(١) المعَرِّف: الشيخ المربي الكامل لأنه هو المعرف لهذا الفن، الموقف على دقائقه، لأنه سلك مسالكه سابقًا، وعرف طرق مخاوفه، وكيفية النجاة منها.
(٢) قطعة من حديث رواه الإمام أحمد (٥/ ١٩٦)، وأبو داود رقم (٣٦٤١)، والترمذي رقم (٢٨٣٥)، وابن ماجه رقم (٢٢٣)، وصححه الألباني.
(٣) رواه الترمذي رقم (٢٨٣٨)، وصححه الألباني.

<<  <   >  >>