للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطريق إلى الموضع الفلاني "، وقد علم أنهما في الجهل بالطريق سواءٌ لعُدَّ من زمرة المجانين، فالطريق الشرعي أولى؛ لأنه هلاك أخروي، وذلك هلاك دنيوي خاصة) (١) اهـ.

[السبب الثالث: التعالم وتصدر الأحداث]

فترى " أبتثيًّا " (٢) صريع الجهل، متشبعًا بما لم يعط، ينصب نفسه مرجعًا للفتيا، ويتملكه العجب فيلمز أكابر العلماء، ويفري أعراضهم، ويسفه أقوالهم، فيصد الناس عن سبيل ربهم، بصدهم عن الأدِلاء عليه.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في كباركم، فإذا كان العلم في صغاركم سفَّه الصغير الكبير " (٣).

وقال معاوية رضي الله عنه: " إن أغرى الضلالة لرجل يقرأ القرآن فلا يفقه فيه، فيعلمه الصبي والعبد والمرأة فيجادلون به أهل العلم " (٤).

قال أبو وهب المروزي: (سألت ابن المبارك: " ما الكِبْرُ؟ " قال: " أن تزدري الناس "، فسألته عن العجب؟ قال: " أن ترى أن عندك شيئًا ليس عند غيرك، لا أعلم في المصلين شيئًا شرًّا من العُجْب ").

ولقد أصاب المأمون عندما قال -متهكمًا بهذا الضرب من الطلبة-: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام، ثم يقول: " أنا من أهل الحديث ".


(١) " الموافقات " (٤/ ١٩٢ - ١٩٣).
(٢) الذي يعرف حروف الهجاء أب ت ث .. إلخ.
(٣) " جامع بيان العلم " رقم (١٠٥٩) ص (٦١٧).
(٤) " السابق " رقم (٥) ٢٣٦ ص (١٢٠٣).

<<  <   >  >>