للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذم كثرة السؤال]

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (١٠٢)} [المائدة١٠١: ١٠٢].

عن أبي الجويرية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان قوم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استهزاءً، فيقول الرجل: " من أبي؟ " ويقول الرجل، تضل ناقته: " أين ناقتي؟ " فأنزل الله فيهم هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا ..... } حتى فرغ من الآية كلها) (١).

وعن الزهريّ قال: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (خرج حين زاغت الشمس فصلّى الظهر (٢)، فلما سلّم قام إلى المنبر، فذكر الساعة، وذكر أن بين يديها أمورًا عِظامًا، ثم قال: " من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فوالله! لا تسألوني عن شيء إِلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا (٣) " قال


(١) رواه البخاري في " صحيحه " رقم (٤٦٢٢) (٨/ ٢٨٠ - فتح).
(٢) وروى البخاري (١٣/ ٤٣ - فتح) عن قتادة: أن أنسًا حدثهم قال: (سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أحْفَوْه بالمسألة، فصعد النبى - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم المنبر، فقال: " لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم "، فجعلتُ انظر يمينًا وشمالاً، فإذا كلّ رجلٍ، رأسه في ثوبه يبكي)، وفي رواية الطبري (٧/ ٨١): عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - (خرج وهو غضبان محمارٌّ وجهه حتى جلس على المنبر ... ) الحديث.
(٣) قال الشاطبي رحمه الله: (وظاهر هذا المساق يقتضي أنه إنما قال: " سلوني " في معرض الغضب، تنكيلاً بهم في السؤال، حتى يروا عاقبة ذلك، ولأجل ذلك ورد في الآية قوله عز وجل: {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} اهـ. من " الموافقات " (٤/ ٣١٦).

<<  <   >  >>