للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثانى

أولويه الاشتغال بعيوب النفس

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يبصر أحدكم القذى (١) في عين أخيه (٢)، وينسى الجِذْعَ (٣) في عينه " (٤).

وفيه أن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه، فيدركه مع خفائه، فيعمى به عن عيبٍ في نفسه ظاهر، لا خفاء به، ولو أنه اشتغل بعيب نفسه عن التفرغ لتتبع عيوب الناس لكف عن أعراض الناس، وسدَّ الباب إلى الغيبة.

عجبت لمن يبكي على موت غيره ... دموعًا ولا يبكي على موته دما

وأعجب من ذا أن يرى عيب غيره ... عظيمًا وفي عينيه عن عيبه عمى

قال الإمام أبو حاتم بن حبان رحمه الله:

(الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس، مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه، فإن من اشتغل بعيويه عن عيوب غيره؛ أراح بدنه، ولم يُتعب قلبه، فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه. وإنَّ من اشتغل بعيوب النَّاس عن عيوب نفسه عمي قلبه وتعب بدنه،


(١) القذى: ما يقع في العين والماء والشراب من نحو تراب وتبن ووسخ.
(٢) أي: في الإسلام.
(٣) الجذع: واحد جذوع النخل.
(٤) رواه ابن حبان في " صحيحه " (١٨٤٨)، وأبو نعيم في " الحلية " (٤/ ٩٩)، وصححه الألباني في " الصحيحة " رقم (٣٣).

<<  <   >  >>