كل مجتهد استفرغ وسعه للوصول إِلى الحق استحق الثواب وإِن أخطأ سواء في ذلك المسائل العلمية والعملية
قال شيخ الإسلام رحمه الله:(والخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوعي المسائل الخبرية والعلمية كما بسط في غير هذا الموضع، كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث، وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه، مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته، أو اعتقد أن الله لا يُرى، لقوله:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣]، ولقوله:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}[الشورى: ٥١]، كما احتجت عائشة بهاتين الآيتين على انتفاء الرؤية في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يدلان بطريق العموم، وكلما نقل عن بعض التابعين أن الله لا يُرى، وفسروا قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة٢٢: ٢٣] بأنها تنتظر ثواب ربها، كما نقل ذلك عن مجاهد وأبي صالح.
أو اعتقد أن الله لا يعجب، كما اعتقد ذلك شريح، لاعتقاده أن العجب إنما يكون من جهل السبب، والله منزه عن الجهل.
أو اعتقد أن عليًّا أفضل الصحابة لاعتقاده صحة حديث الطير (١) ...
أو اعتقد أن بعض الكلمات أو الآيات أنها ليست من القرآن؛ لأن ذلك لم يثبت عنده بالنقل الثابت، كما نقل عن غير واحد من السلف أنهم أنكروا ألفاظًا من القرآن ......
(١) انظره في " منهاج السنة النبوية " (٤/ ٧٦، ٧٧، ٩٩، ١٠٠).