للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي " إسعاف المبطإ " ص (١٨٠) للسيوطي رحمه الله: " قال إسحاق بن محمد الفَرْوي: سئل مالك: " أيؤخذ العلم عمن ليس له طلب ولا مجالسة؟ فقالى: لا، فقيل: أيؤخذ ممن هو صحيح ثقة، غير أنه لا يحفظ ولا يفهم؟ فقال: لا يُكتب العلم إلا ممن يحفظ، ويكون قد طلب وجالس الناس، وعرف وعمل، ويكون معه ورع ".

فإذا ما اكتمل هلاله بدرًا، أذن له شيوخه بالتعليم والإفادة، والكتابة والإفتاء، ونحو ذلك، ولا يزال هو يزداد إقبالاً عليهم، وانتهالاً من مواردهم مهما تقدم به العلم والعمر، وهذا هو المراد بـ " طول الزمان ": طول زمن الصحبة، وطول زمن الطلب، وعدم الفترة فيهما أو الانقطاع.

أما مجرد طلب العلم وتلقيه عن شيخ سنة أو سنتين، ثم الاستقلال بالعلم، والفهم، والتلقي من الصحف وما شاكل حال أهل زماننا: فلا، ولن) اهـ (١).

وقال الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى:

(وإذا ثبت أنه لا بد من أخذِ العلم عن أهله؛ فلذلك طريقان:

أحدهما: المشافهة، وهي أنفعُ الطريقين وأسْلَمهما؛ لوجهين (٢):

الأول: خاصيَّة جعلها الله تعالى بين المعلِّم والمتعلم، يشهدها كلّ من زاول العلمَ والعلماء؛ فكم من مسألة يقرؤها المتعلِّم في كتاب، ويحفظها ويرددها على قلبه فلا يفهمها، فإذا ألقاها إليه المعلِّم فهمها بَغتةً، وحصل له العلمُ بها بالحضرة؟ وهذا الفهم يحصلُ إما بأمرٍ عاديّ من قرائن أحوال، وإيضاح موضع إشكالٍ لم


(١) " صفحات في أدب الرأي " ص (١٠٨ - ١١١) بتصرف.
(٢) لم يذكر إلا وجهًا واحدًا؛ فتأمل.

<<  <   >  >>