للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[اهتمام السلف الصالح بالأدب]

أصغى سلفنا الصالحون إلى التوجيهات الربانية والأحاديث النبوية التي ترفع شأن الأدب، وتحث عليه، وتحذر من سوء الأدب إلى حد تبرؤ النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهله، حيث قال: " ليس منا من لم يُجلَّ كبيرنا , ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه " (١)، فانفعلوا بها، وأعطوها ما تستحق من الأولية والامتثال، فرأيناهم يُدخلون كتاب الأدب في مصنفاتهم " الجوامع "، ومنهم من أفرده بالتصنيف كما فعل البخاري في " الأدب المفرد "، والخطيب البغدادي في " الجامع "، وابن جماعة في " التذكرة "، وكما صنف ابن مفلح كتابه: " الآداب الشرعية، والمنح المرعية "، والسفاريني في " غذاء الألباب بشرح منظومة الآداب "، وغيرهم.

وكان تأديب الأولاد وظيفة تخصصية يباشرها المتأهلون لها، حتى كان يلقب الامام ابن أبي الدنيا بـ " مؤدب أولاد الخلفاء "، وكانوا يحرصون أشد الحرص على متانة الروابط بينهم وبين من يؤدبون أولادهم، وكانوا يحزنون إذا غابو عن أولادهم خشية أن لا يؤدَّبوا على ما يريدون ويشتهون.

فقد ذكر الراغب الأصفهاني أن المنصور بعث إلى من في الحبس من بني أمية، يقول لهم: " ما أشد ما مرَّ بكم في هذا الحبس؟ "، فقالوا: " ما فقدنا من تربية أولادنا " (٢).


(١) رواه الإمام أحمد (٥/ ٣٢٣)، والحاكم (١/ ١٢٢) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " رقم (٥٣١٩).
(٢) " تربية الأولاد في الإسلام " (١/ ١٥٢).

<<  <   >  >>