للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقيهين من أصحابه وتلاميذه وهما: أبو القاسم بن زيد، وسعيد بن ميمون، فقيل

له: " أيهما أفقه "، فقال: " إنما يفصل بين عالمين من هو أعلم منهما " (١).

إذا تلاقى الفحولُ في لجَبٍ ... فكيف حالُ الغصيصِ في الوسط

السبب الخامس: الاغترار بمسلك الإِمام ابن حزم رحمه الله في شدته على الأئمة:

فيحسب طالب العلم أن هذه الشدة من المغيرة المحمودة على الحق، ومن نصرة الدين، وينسى أنه " لا أسوة في الشر ".

قال الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمة ابن حزم: " .. وصنَّف في ذلك كتبًا كثيرة، وناظر عليه، وبسط لسانه وقلمه، ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجَّج العبارة، وسبَّ وجدعَّ، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة، وهجروها، ونفَّروا منها، وأحرقت في وقت، واعتنى بها آخرون من العلماء، وفَتَّشوها انتقادًا واستفادة، وأخذًا ومؤاخذة، ورأوا فيها الدُّر الثمين ممزوجًا في الرَّصف بالخرز الثمين، فتارة يطربون، ومرة يعجبون، ومن تفرده يهزؤون، وفي الجملة فالكمال عزيز، وكل أحد يؤخذ من قوله ويُترك، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٢) اهـ.

وقال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في " الموافقات " بعد أن بيَّن أن من علامات العالم المتحقق أن يكون قد تلقى العلم عن الشيوخ ولازمهم: ( .. وبهذا وقع التشنيع على ابن حزم الظاهري، وأنه لم يلازم الأخذ عن الشيوخ، ولا تأدب بآدابهم، وبضد ذلك كان العلماء الراسخون، كالأئمة الأربعة


(١) " ترتيب المدارك " (٢/ ٣٥٠).
(٢) " سير أعلام النبلاء " (١٨/ ١٨٦ - ١٨٧).

<<  <   >  >>