للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مجلسٍ فيه مَن يُشار إليه أثار البحث فيها، ليُظهر علمه، وكم في هذا من سوأةٍ أقلها: أن يعلم أن الناس يعلمون حقيقته " (١) اهـ.

* وإن أشكل عليه شيء من كلام العالم فلا يبادر إلى الإنكار، والاعتراض، والنقد، والمراء، بل يتهم رأيه، ويتوثق قبل الإنكار، فهذا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وقد اعترض على ما رآه يوم الحديبية -بادي الرأي- شرًّا، مع أن الله سبحانه وتعالى جعله -في المآل والعاقبة- فتحًا مبينًا.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد قصة الحديبية: (وفي الحديث .. أن التابع لا يليق به الاعتراض على المتبوع بمجرد ما يظهر في الحال، بل عليه التسليم؛ لأن المتبوع أعرف بمآل الأمور غالبًا بكثرة التجربة، ولا سيما مع من هو مؤيد بالوحي) (٢) اهـ.

ولذلك ندم عمر على مراجعته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ، وقال: " فعملت لذلك أعمالاً وقال أيضًا: " ما زلت أصوم، وأتصدق، وأصلي، وأعتق، من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ، حتى رجوت أن يكون خيرًا " (٣).

وقال سهل بن حنيف رضي الله عنه: " يا أيها الناس اتهموا رأيكم، فإنا كنا يومَ أبي جندل ولو نستطيع أن نرد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرددناه " (٤).

وقال الإمام مالك: " سلِّموا للأئمة، ولا تجادلوهم " (٥).

وقال سفيان بن عيينة: " التسليم للفقهاء سلامة في الدين " (٦).


(١) " حلية طالب العلم " ص (٥٧).
(٢) " فتح الباري " (٥/ ٣٥٢).
(٣) " المسند " للإمام أحمد (٤/ ٣٢٥).
(٤) رواه البخاري رقم (٧٣٠٨).
(٥) " الميزان " للشعراني (١/ ٥١).
(٦) " الجواهر المضيئة " للقرشي (١/ ١٦٦).

<<  <   >  >>