وقول أيوب عليه السلام:{أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[الأنبياء: ٨٣] ولم يقل: " فعافني، واشفني ".
وقول يوسف لأبيه وإخوته:{هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ}[يوسف: ١٠٠] ولم يقل: " أخرجنى من الجب " حفظًا للأدب مع إخوته، وتَفَتيا عليهم: أن لا يخجلهم بما جرى في الجب، وقال:{وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} ولم يقل: " رفع عنكم جهد الجوع والحاجة "، أدبًا معهم، وأضاف ما جرى إلى السبب، ولم يضفه إلى المباشر الذي هو أقرب إليه منه، فقال:{مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي}، فأعطى الفتوة والكرم والأدب حقه، ولهذا لم يكن كمال هذا الخلق إلا للرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.