للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أفلح " (١).

العلم حرب للفتى المتعالي ... كالسيل حرب للمكان العالي

وعوتب الشافعي على تواضعه للعلماء فقال:

أهين لهم نفسي فهم يكرمونها ... ولن تكرم النفس التي لا تهينها

وكان عمرو بن قيس الملائي إذا بلغه الحديث عن الرجل، فأراد أن يسمعه، أتاه حتى يجلس بين يديه، ويخفض جناحه، ويقول: " عَلِّمني رحمك الله مما علَّمك الله " (٢).

وقال شعبة: " كنت إذا سمعت من الرجل الحديث، كنت له عبدًا ما يحيا " (٣).

وعن إدريس بن عبد الكريم قال: (قال لي سلمة بن عاصم النحوي: " أريد أن أسمع كتاب العدد من خلف "، فقلت لخلف، فقال: " فليجئ "، فلما دخل رفعه لأن يجلس في الصدر، فأبى، فقال: " لا أجلس إلا بين يديك وقال: " هذا حق التعليم فقال له خلف: جاءني أحمد بن حنبل ليسمع حديث أبي عوانة، فاجتهدت أن أرفعه، فأبى، وقال: " لا أجلس إلا بين يديك، أُمِرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه! ") (٤).

وكان " ربيع القطان " من الفقهاء المعدودين، والعُبَّاد المجتهدين، وكان أبوه رحمه الله من أهل العبادة، قال أخوه أحمد: (كنا إذا جلسنا مع والدي، وخطر في باله شيء من العلم، قام من مكانه يبحث بين يدي ربيع ابنه، فيقوم ربيع إليه، ويقول: لم فعلت هذا؟ فيقول: " أردت أن أسألك عن شيء من العلم "، فيقول:


(١) " الفقيه والمتفقه " (٢/ ٩٣).
(٢) " الجامع " للخطيب (١/ ٢١٠).
(٣) " تذكرة السامع والمتكلم " ص (٩٠).
(٤) " تاريخ بغداد " (٩/ ١٣٤).

<<  <   >  >>