للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أحمد بن سنان القطان قال: (كان عبد الرحمن بن مهدى لا يُتَحَدثُ في مجلسه , ولا يُبْرى فيه قلم , ولا يبتسْم أحد، فإن تحدث أو بَرَى قلمًا، صاح، ولبس نعليه، ودخل، وكذا يفعل ابن نمَيْر، وكان من أشد الناس في هذا، وكان وكيع أيضا في مجلسه كأنهم في صلاة، فإن أنكر من أمرهم شيئًا انتعل ودخل، وكان ابن نمير يغضب ويصيح، وكان إذا رأى من يبري قلمًا تغيَّر وجهه) (١).

قال الإمام الخطيب البغدادي رحمه الله:

" ويجب على الطالب ألا يقرأ حتى يأذن له المحدث " ثم ساق بسنده إلى محمد بن عبد الله بن المطلب الشيبانى، قال: (تقدمت إلى أبي بكر بن مجاهد لأقرأ عليه، فتقدم إليه رجل وافر اللحية، كبير الهامة، فابتدأ ليقرأ، فقال: ترفَّق يا خليلي، سمعت محمد بن الجهم السِمَّري يقول: سمعت الفراء يقول: " أدب النفس، ثم أدب الدرس ") (٢).

وهذا محدث: (أعنفوا عليه في دق الباب؛ فلم يحدثهم) (٣).

ودخل الحافظ ابن وارة الرازي (ت ٢٧٠ هـ) -وكان فيه زَهْو وخيلاء - على الإمام الشاذَكوني، وهو أحد أئمة الحديث، فقعد يَتَقَعَّرُ في كلامه، قال الشاذكوني: فقلت له: " من أي بلد أنت؟ "، قال: " من أهل الري، ألم يأتك خبري؟ ألم تسمع بنبئي؟ أنا ذو الرحلتين ".

قلت: من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن من الشعر حكمة " فقال: " حدثني بعض أصحابنا "، قلت: " من؟ " قال: " أبو نُعيم، وقَبيصة " (٤)، قلت: " يا غلام، ائتني


(١) " السابق " (١/ ١٩٣).
(٢) " الجامع " للخطيب (١/ ٣٠٣).
(٣) " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم (١/ ٢٦٧).
(٤) هما الإمامان الجليلان.

<<  <   >  >>