للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعادة، يقول ابن جماعة: " وإذا ردَّ الشيخ عليه لفظه، وظن أن رَدَّه خلاف الصواب، أو علمه كرر اللفظة مع ما قبلها لينتبه لها الشيخ " (١).

(أما من تجاسر بالإنكار على الأستاذ فقلما يفلح، عن بعض السلف (٢) قال: " من قال لشيخه: لِم؟ لم يفلح " (٣)، ولا يقول له: " لِم؟ " ولا: " لا نسلِّم "، ولا: " من نقل هذا؟ " ولا: " أين موضعه؟ ") (٤).


(١) " تذكرة السامع والمتكلم " ص (١٢٤).
(٢) هو أبو عبد الرحمن: محمد بن الحسين السُّلَميُّ الصوفي.
(٣) وقد شاعت هذه العبارة، وذاعت على ألسنة الكثيرين من المنتسبين إلى العلم، وبخاصة الصوفية حتى غَلَوْا في الشيوخ واعتقدوا فيهم العصمة، ولذلك علَّق عليها الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى قائلاً: (قلت: ينبغي للمريد أن لا يقولَ لأستاذه: " لِمَ؟ " إذا علمه معصومًا لا يجوز عليه الخطأ، أما إذا كان الشيخ غيرمعصوم، وكره قول: " لِمَ؟ " فإنه لا يفلح أبدًا، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [البلد: ٢]، وقال: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} [العصر: ٣]، وقال: {وتَوَاصَوا بِالمرحمة} [البلد: ١٧]، بلى هنا مريدون أثقال أنكاد، يعترضون ولا يقتدون، ويقولون ولا يعملون، فهؤلاء لا يملحون) اهـ. من " سير أعلام النبلاء " (١٧/ ٢٥١ - ٢٥٢).
وقال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: (رد المقالات الضعيفة، وتييين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء، بل مما يحبونه، ويمدحون فاعله، ويثنون عليه، فلا يكون داخلاً في باب الغيبة بالكلية، فلو فرض أن أحدًا يكره إظهار خطئه الخالف للحق، فلا عبرة بكراهته لذلك، فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفًا لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له؛ سواء كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة لله، ولكتابه، ورسوله، ودينه، وأئمة المسلمين وعامتهم، وذلك هو الدين كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما بيان خطإ من أخطأ من العلماء قبله -إذا تأدب في الخطاب، وأحسن الرد والجواب- فلا حرج عليه، ولا لوم يتوجَّه إليه) اهـ. من " الفرق بين النصيحة والتعيير " ص (٢٢ - ٢٣).
(٤) " السابق " ص (١٠١).

<<  <   >  >>