للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أجل هذا الحديث قعد أبو عبد الرحمن السلمي أربعين عامًا (١) يُقرئ الناس بجامع الكوفة مع جلالة قدره، وكثرة علمه.

وسئل سفيان الثورى عن الجهاد وتعليم القرآن، فرجَّح الثاني، واستدلَّ بهذا الحديث (٢).

وعن أنس رضي الله عنه قال: بعثني الأشعري -يعني أبا موسى رضي الله عنه- إلى عمر، فقال لي: " كيف تركت الأشعريَّ؟ "، قلت: " تركته يُعَلِّم الناسَ القرآنَ "، فقال: " أما إنه كيِّسٌ! ولا تُسْمِعْها إياه " (٣).

وبيَّن - صلى الله عليه وسلم - أن صاحب القرآن في غِبطَةٍ (٤)، وأنه يحق له الاغتباط الشديد بما هو فيه، وأنه يستحب تغبيطه (٥) بذلك، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " لا حسد إِلا في اثنتين: رجل علَّمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جارٌ له، فقال: " يا ليتني أوتيتُ مثل ما أوتي فلان، فعملتُ مثل ما يعمل " ... ) الحديث (٦).

وآثر - صلى الله عليه وسلم - أهل القرآن الكريم بالأحقية في إمامة الصلاة؛ فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يؤم القومَ أقرؤهم لكتاب الله، فإِن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة ... " (٧) الحديث.


(١) " حلية الأولياء " (٤/ ١٩٤)، وفي صحيح البخاري: (وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال: " وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا ") اهـ. من " الفتح " (٩/ ٧٤).
(٢) " النشر في القراءات العشر " لابن الجزري (١/ ٥٥٢).
(٣) " سير أعلام النبلاء " (٢/ ٣٩٠).
(٤) الغِبطة: حسن الحال والمسرة.
(٥) غبطه: إذا تمنى مثل ما هو فيه من النعمة.
(٦) رواه البخاري (٩/ ٧٣ - فتح)، وغيره.
(٧) رواه مسلم (١/ ٤٦٥)، وأبو داود (١/ ٣٩٠، ٣٩١)، والترمذي (١/ ٤٥٨، ٤٥٩)،
وقال: " حسن صحيح "، والنسائي (٢/ ٧٦، ٧٧)، وابن ماجه (١/ ٣١٣,٣١٤).

<<  <   >  >>