للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن متماوت ولا طعَّان ".

* وهذا أحدهم قد طوَّعت له نفسه أن يُطلق لسانه بشتم بعض العلماء، والإزراء بهم، فلا يراهم إلا من خلال منظار أسود قاتم لا يرى حسنة إلا وقد اصطبغت بالسواد، وكأنه لم يبق عالم يملأ عينيه، أو يحترمه، مع أنه يتعسف ويتهور في إطلاق التهم، ويجازف في توزيع الأحكام بالبدعة والضلال، ويندفع في تعميم أحكامه بصورة لا تشم رائحة الانضباط العلمي الدقيق، وهو يحسب أن انتصاره للحق ودفاعه عن عقيدة السلف يسوغان له الجفاء والتهور، وهاك بعضَ مقولاته:

* فمن ذلك: لَمْزُه الإمامَ الأعظم أبا حنيفة النعمان رحمه الله تعالى، فقد نقل في أحد كتبه تحت عنوان: " الكلام في أهل الرأي " عن البرذعي قوله: (سمعت أبا زرعة يقول: " كان أبو حنيفة جهميًّا، وكان محمد بن الحسن جهميًّا ") ثم نقل بعد كلامٍ قول الإمام أبي زرعة رحمه الله: (من يقول: " القرآن مخلوق " فهو كافر، يُعْنَى بما أسند الكفار؟! أي قوم هؤلاء؟!) (١).

فتراه حكى القول بتكفير أبي حنيفة، ولم ينكره، وكان عليه أن يحقق المسألة قبل المجازفة.

فعن محمد بن سابق قال: (سألت أبا يوسف، فقلت: أكان أبو حنيفة يقول: " القرآن مخلوق قال: " معاذ الله، ولا أنا أقوله فقلت: " أكان يرى رأي جهم؟ فقال: " معاذ الله، ولا أنا أقوله ") (٢).

وعن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي قال: (سمعت أبا يوسف


(١) " عقيدة الإمامين أبي حاتم وأبي زرعة " ص (١١٨).
(٢) رواه البيهقي في " الأسماء والصفات " رقم (٥٥٠)، وقال: " رواته ثقات " (١/ ٦١١).

<<  <   >  >>