للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا ... فيهتك الله سِترًا عن مساويكا

واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ... ولا تعب أحدًا منهم بما فيكا

قال بكر بن عبد الله: " إذا رأيتم الرجل موكَّلاً بعيوب الناس، ناسيًا لعيبه، فاعلموا أنه قد مُكِر به " (١).

وسمع أعرابي رجلاً يقع في الناس، فقال: " قد استدللتُ على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس؛ لأن الطالب لها يطلبها بقدر ما فيه منها ".

وأجرأ من رأيت بظهر غيب ... على عيب الرجال أخو العيوب

آخر:

شر الورى مَن بعيب الناس مشتغلاً ... مثلُ الذباب يُراعي موضعَ العِلَلِ

وقال ابن السماك: " سَبُعُك بين لحييك، تأكل به كلَّ من مَرَّ عَليك، قد آذيت أهل الدور في الدور حتى تعاطيت أهل القبور، فما ترثي لهم وقد جرى البلى عليهم، وأنت ها هنا تنبشهم، إنما نرى نبشَهم أخْذَ الخِرَق عنهم، إذا ذكرت مساويهم فقد نبشتَهم، إنه ينبغي لك أن يدلَّك على ترك القول في أخيك ثلاثُ خلال: أما واحدة: فلعلك أن تذكره بأمرٍ هو فيك، فما ظنك بربك إذا ذكرتَ أخاك بأمر هو فيك؟

ولعلك تذكره بأمرٍ فيك أعظمُ منه، فذلك أشد استحكامًا لمقته إياك،


(١) " صفة الصفوة " (٣/ ٢٤٩)، وربما كان ذلك كذلك لأنه يحسب أن إلصاق العيب بغيره ينفي عنه العيب، ويثبت له المروءة، وتقول العرب في مثل هذا: " فلان يتمرَّأ بنا "، والحقيقة أنه يقدح في مروءته، وقد عد السخاوي التحدث بمساوئ الناس من خوارم المروءة، كما في " فتح المغيث " (٢٩١/ ١).

<<  <   >  >>