للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتركُه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجرُّ الكلامُ المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة (١) لا يعدلها شيء.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصْمُت " متفق عليه، وهذا الحديث صريح في أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلامُ خيرًا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم) (٢) اهـ.

وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: " إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لم يتكلم حتى تظهر) " (٣) اهـ.

وقال رجل لسلمان الفارسي رضي الله عنه: (" أوصني "، فقال: " لا تتكلم!! "، قال: " ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم، قال: " فإن تكلمت فتكلم بحق أو اسكت ") (٤).

قال مرةً رجل: " ما أشدَّ البرد اليوم! " فالتفت إليه المعافى بن عمران، وقال: " استدفأت الآن؟! لو سكتَّ؛ لكان خيرًا لك " (٥).

وقال أبو بكر محمد بن القاسم: (كان شيخنا أبو إسحاق -الشيرازي- إذا أخطأ أحد بين يديه، قال: " أيُّ سكتةٍ فاتتك؟ ") (٦).


(١) السلامة هي البراءة من العيوب كما في " القاموس "، وهي من الكلمات الجوامع، فإن من سلم نجا، فهي قريبة من العافية، ولذا تكون دعوة الرسل عند مرور الناس على الصراط: " اللهم سلم سلم "، وكان بعض السلف يدعو في الفتنة: " اللهم سلمنا، وسلم منا "، وقال الشاعر:
وقائلة لي مالي أراك مُجَنبا ... أمورًا وفيها للتجارة مربحُ
فقلت لها: كفي ملامك واسمعي ... فنحن أناسٌ بالسلامة نفرحُ
(٢) " رياض الصالحين " مع " دليل الفالحين " (٤/ ٣٤٧ - ٣٤٨).
(٣) " الأذكار النووية " ص (٢٨٤).
(٤) " جامع العلوم والحكم " ص (١٦٢).
(٥) " السير " (٩/ ٨٤).
(٦) " السير " (١٨/ ٤٥٥).

<<  <   >  >>