أثبت القرآن وجود ظلمات في البحر العميق، وقيد وصف البحر بلفظ لُجِّيٍّ ليعلم قارئ القرآن أن هذه الظلمات لا تكون إلا في بحر لجي أي عميق، أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ويخرج بهذا القيد البحر السطحي الذي لا توجد فيه هذه الظلمات.
وقد بين أهل اللغة والتفسير معنى لفظ لُجِّيٍّ، فقال قتادة وصاحب تفسير الجلالين: لجي هو العميق، وقال الزمخشري: اللجي العميق الكثير الماء، وقال الطبري: ونسب البحر إلى اللجة بأنه عميق كثير الماء، وقال البشيري: هو الذي لا يدرك قعره واللجة معظم الماء، والجمع لجج، والتج البحر إذا تلاطمت أمواجه.
وهذه الظلمات تتكون بسبب العمق في البحر اللجي، وهي ظلمات الأعماق التي سبق الإشارة إليها. قال تعالى: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ.
قال الزمخشري:(بظلمات متراكمة من لج البحر والأمواج والسحاب) ، وقال الخازن: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ أي عميق كثير الماء ... معناه أن البحر اللجي يكون قعره مظلما جدّا بسبب غمورة الماء) ، وقال المراغي:(فإن البحر يكون مظلم القعر جدّا بسبب غور الماء ... ) .
وذكر القرآن أن للبحر العميق موج يغشاه من أعلاه. قال تعالى: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ.
وذكرت الآية وجود موج آخر فوق الموج الأول، قال تعالى: يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ. وهذه صفة للبحر وهي: وجود موجين في وقت واحد أحدهما فوق الآخر، وليست أمواجا متتابعة على مكان واحد بل هي