للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسرى «١» الله بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، في ليلة واحدة من مكة إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء، ثم عاد فأصبح في مكة المكرمة، ولم يكن من الممكن لأحد في ذلك الزمان قطع هذه المسافة من مكة إلى بيت المقدس إلا في نحو شهر من الزمان ذهابا، وشهر إيابا، وقد اختبرت قريش النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الحادثة:

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لّما كذّبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه» «٢» . وفي رواية عبد الله بن عباس: أنهم بعد أن نعت ووصف المسجد الأقصى لهم قالوا: أمّا النّعت فو الله لقد أصاب «٣» .

[تأييد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أثناء هجرته:]

خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق مهاجرين إلى المدينة النبوية، واختفيا في غار ثور ثلاثة أيام، وصعد المشركون إلى الغار بحثا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر، فحمى الله نبيه وأبا بكر منهما، قال أبو بكر: قلت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر، ما


(١) أسرى به: سار به ليلا ونقله، والسرى: السير بالليل.
(٢) أخرجه البخاري ك/ المناقب ب/ حديث الإسراء ومسلم ك/ الإيمان ب/ ذكر المسيح بن مريم والترمذي في السنن ك/ التفسير ب/ ومن سورة بني اسرائيل وأحمد في المسند ٣/ ٣٧٧ وابن حبان في صحيحه ١/ ٢٥٢ وغيرهم.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٣٠٩ وابن أبي شيبة في المصنف ٦/ ٣١٢ والحارث ابن أبي أسامة في مسنده كما في زوائده للهيثمي، والطبراني في الكبير ١٢/ ١٦٧ والأوسط ٣/ ٥٢ والمقدسي في المختارة ١٠/ ٣٩- ٤٢، والأصبهاني في دلائل النبوة ١/ ٨٤ وقال الهيثمي في المجمع ١/ ٦٥: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح، وإسناده صحيح على شرط الشيخين كما في تحقيق المسند ٥/ ٢٩.

<<  <   >  >>