للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي: " قال العلماء: الموت ليس بعدم محض، ولا فناء صرف وإنما هو انقطاع تعانق الروح بالبدن، ومفارقته وحيلولة بينهما، وتبدل حال، وانتقال من دار إلى دار" «١» .

[حال المؤمن وحال الكافر عند الموت:]

لقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن حال المؤمن وقت موته بقوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) [فصلت: ٣٠] .

وأما حال الكافر فكما قال تعالى: وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) [الأنعام: ٩٣] .

عن البراء ابن عازب قال خرجنا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولّما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجلسنا حوله وكأنّ على رؤسنا الطّير وفي يده عود ينكت «٢» في الأرض فرفع رأسه فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرّتين أو ثلاثا ثمّ قال إنّ العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدّنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السّماء بيض الوجوه كأنّ وجوههم الشّمس معهم كفن من أكفان الجنّة وحنوط «٣» من حنوط الجنّة حتّى يجلسوا منه مدّ البصر ثمّ يجيء ملك الموت عليه السّلام حتّى يجلس عند رأسه فيقول أيّتها النّفس الطّيّبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج


(١) كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبي ص ٤، ط. ثانية دار الريان.
(٢) يضرب ضربا خفيفا.
(٣) عطر يطيب به الميت.

<<  <   >  >>