للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهيّا بنا نستعرض ما تيسر من تلك البينات الخارقة للعادة التي ذكرها الله سبحانه في كتابه الكريم، والتي رواها لنا حملة السنة الثقات، وسنحاول عرضها حسب تسلسلها التاريخي ما أمكن.

أ- من دلائل النبوة الخارقة للعادة في العهد المكي:

[حادثة الفيل:]

كانت هذه الحادثة المعجزة مقدمة لبعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أراد نصارى الحبشة الذين كانوا باليمن هدم الكعبة انتصارا لكنيستهم التي كانت باليمن عند ما لطخها بعض العرب، فانطلقوا إلى مكة ومعهم فيل لهدم الكعبة، فردهم الله تعالى على أعقابهم خاسرين وأهلكهم، وكان ذلك عام مولد النبي صلى الله عليه وسلم.

وأنزل الله سبحانه سورة في كتابه تذكر هذه الحادثة العجيبة التي أهلك الله فيها أصحاب الفيل بصورة غير متوقعة عند كل من يسمعها، حيث حبس الله الفيل عن دخول مكة «١» وأرسل على المعتدين طيرا تحمل حجارة من سجيل فأهلكهم.

قال تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥) [الفيل: ١- ٥] «٢» .


(١) ورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: - إن الله حبس الفيل عن دخول مكة ... الحديث، وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بركت ناقته القصواء يوم الحديبية، فقال الناس خلأت القصواء- أي وقفت حين طلب مشيها ورجعت القهقرى- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، أخرجه البخاري ك/ الشروط ب/ الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة ... ومسلم ك/ الحج ب/ تحريم مكة وصيدها وضلاها وشجرها ولغطها.
(٢) أبابيل: جماعات بعضها في إثر بعض، سجيل: طين متحجر، العصف: ورق الزرع بعد الحصاد كالتبن وقشر الحنطة، سمي بذلك لأن الريح تعصف به فتفرقه.

<<  <   >  >>