للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للبحر الملح بقوله: أُجاجٌ حتى لا يدعي شخص أن المصب فيه ملوحة وأنه داخل في المقصود فأخرج النص القرآني بزيادة أُجاجٌ ليدل المعنى على البحر الصافي فتحدد بذلك مناطق ثلاث: بحر صاف شديد الملوحة، وبحر عذب شديد العذوبة، ومنطقة المصب وهي مزيج بين العذوبة والملوحة.

فانظر كيف حارت العقول الكبيرة عدة قرون- بعد نزول القرآن الكريم- في فهم الدقائق والأسرار، وكيف جاء العلم مبينا لتلك الأسرار، وصدق الله القائل:

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها [النمل: ٩٣] .

وانظر كيف استقر المعنى بعد أن كان قلقا عند المفسرين.

قال تعالى: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧) [الأنعام: ٦٧] .

وقال تعالى: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨) [ص: ٨٨] .

فمن أخبر النبي الأمي في الأمة الأمية في البيئة الصحراوية، حيث لا وجود لنهر ولا لمصبه عن هذه الأسرار الدقيقة المتعلقة بالكتل المائية المختلفة التركيب:

عذب فرات، ملح أجاج، وبينهما برزخا وحجرا محجورا؟!.

والحجر: هو المكان المحجور عن كائنات حية تعيش في هذه البيئات المائية الثلاث.

وكم استغرق الإنسان من الزمن؟، وكم استخدم من الآلات الدقيقة والأجهزة الحديثة حتى تمكن من الوصول إلى هذه الحقائق التي جرت على لسان النّبيّ الأمي قبل ألف وأربعمائة عام بأوجز تعبير وأوضح بيان؟.

نأمل في الفرق الدقيق الذي يميز التقاء بحرين ملحين عن حالة اللقاء بحر ملح وآخر عذب فسترى أنه في حالة البحرين الملحين لا وجود لمنطقة الحجر المحجور لأن الاختلاف في الضغط التناضحي (الاسموزي) بين البحرين متقارب

<<  <   >  >>