الشرائع بشريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي شيّدت عليها أثبت الحضارات التي عرفها البشر خلال التاريخ الإنساني، وسعدت البشرية في ظل تلك الشريعة التي وحدت بين الأجناس المختلفة والبيئات المتباينة والعصور المتعاقبة، وشهد بذلك الدارسون من أهل الاختصاص، مما يدل على أن هذه الشريعة من قبل خالق الإنسان، الذي يعلم أسرار خلقته وفطرته.
فإلى جانب ما احتوى عليه القرآن من الهدى والنور في جانب الاعتقاد والإيمان الذي نزل من أجله، فقد اشتمل على أفضل وأرقى التشريعات التي تكفل سعادة الفرد والمجتمع بل والعالم بأكمله في جميع شؤون حياتهم في جوانب السياسية والقضاء والحكم وإقامة العدل، وفي جوانب الاقتصاد والمال والمعاملات، وفي جوانب الاجتماع والتكافل والأخلاق والآداب والفضائل، وفي جوانب الفكر والبحث والعلم، وفي جوانب الصحة وحماية الأعراض واستتباب الأمن، وفي جوانب العقل والبدن والأسرة والمرأة والمجتمع، وفي جوانب الحرب والسلم والعلاقات بين سائر بني الإنسان، وبيان الحقوق والواجبات فلم يبق جانبا من جوانب الحياة إلا وقد بيّن فيه سبيل الحق والهدى والصواب كما قال تعالى لرسوله: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: ٨٩] .
ومن الأدلة على ذلك أن الأمة الإسلامية قد عاشت أكثر من ألف وأربعمائة عام غنية بما لديها من التشريعات، ولا تزال بعض الدول الإسلامية تتحاكم إليها في محاكمها ولم تحتج في يوم من الأيام إلى قوانين مستوردة من خارج الشريعة الإسلامية، لأن الجهاز التشريعي الضخم قد أغناها عن الحاجة لغيرها.