للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (١١٥) [النساء: ١١٥] ووجدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد حضّ على التبليغ في أخبار كثيرة، ووجدناه يخاطب أصحابه فيها منها: أن دعا لهم فقال: «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها فوعاها وحفظها وبلّغها فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه» «١» وقال صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته: «فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب» . «٢» وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «بلّغوا عنّي ولو آية ... » . «٣» .

ثم تفرقت الصحابة رضي الله عنهم في النواحي والأمصار والثغور وفي فتوح البلدان والمغازي والإمارة والقضاء والأحكام، فبثّ كل واحد منهم في ناحيته وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكموا بحكم الله- عز وجل- وأمضوا الأمور على ما سنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نظائرها من المسائل، وجرّدوا أنفسهم- مع تقدمة حسن النية والقربة إلى الله تقّدس اسمه- لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله- عز وجل- رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين" «٤» .


(١) أخرجه الترمذي ك/ العلم ب/ ما جاء في الحث على تبليغ السماع واللفظ له، وأبو داود ك/ العلم ب/ فضل نشر العلم، وابن ماجة في المقدمة ب/ من بلغ علما وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في المقدمة ب/ الاقتداء بالعلماء، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ٢/ ٣٣٧- ٣٣٨.
(٢) أخرجه البخاري ك/ الحج ب/ الخطبة أيام منى، ومسلم ك/ القسامة والمحاربين والقصاص والديات ب/ تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال.
(٣) أخرجه البخاري ك/ أحاديث الأنبياء ب/ ما ذكر عن بني إسرائيل، والترمذي ك/ العلم ب/ ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة مسند عبد الله بن عمرو ابن العاص.
(٤) مقدمة كتاب الجرح والتعديل ١/ ٧- ٨ بتصرف يسير.

<<  <   >  >>