للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحدّثاه الحديث، قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بإناء ففرّغ فيه من أفواه المزادتين أو سطيحتين وأوكأ «١» أفواههما وأطلق العزالي «٢» ونودي في النّاس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء واستقى من شاء ... وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها، وأيم الله لقد أقلع عنها وإنّه ليخيّل إلينا أنّها أشدّ ملأة منها حين ابتدأ فيها، فقال النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: اجمعوا لها، فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة «٣» حتّى جمعوا لها طعاما فجعلوه في ثوب وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثّوب بين يديها، قال لها: تعلمين ما رزئنا «٤» من مائك شيئا ولكنّ الله هو الّذي أسقانا (وفي صحيح مسلم قال الراوي عمران بن حصين- رضي الله عنه- فشربنا ونحن أربعون رجلا عطاشى حتى روينا وملأنا كل قربة معنا وإداوة) فأتت أهلها وقد احتبست عنهم قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت:

العجب، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الّذي يقال له الصّابئ؟ ففعل كذا وكذا، فو الله إنّه لأسحر النّاس من بين هذه وهذه، وقالت بإصبعيها الوسطى والسّبّابة فرفعتهما إلى السّماء [تعني السّماء والأرض] أو إنّه لرسول الله حقّا، فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصّرم «٥» الّذي هي منه، فقالت يوما لقومها: ما أرى «٦» أنّ هؤلاء القوم يدعونكم عمدا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها فدخلوا في الإسلام «٧» .


(١) وأوكأ: شد أفواههما بخيط.
(٢) العزالي جمع عزلاء، والعزلاء: فم القربة الأسفل.
(٣) السويق: طعام يتخذ من مدقوقة الحنطة والشعير.
(٤) ما رزئنا: ما نقصنا.
(٥) الصّرم: القوم التي هي منهم.
(٦) أي الذي أرى وأعتقده.
(٧) أخرجه البخاري ك/ التيمم ب/ الصعيد الطيب وضوء المسلم ومسلم ك/ المساجد ب/ قضاء الصلاة الفائتة وابن خزيمة في صحيحه ١/ ٥٩ مختصرا وابن حبان في صحيحه ٤/ ١٢٢ وأحمد في المسند ٤/ ٤٣٤ والبزار في مسنده ٩/ ٥٩ والطبراني في المعجم الكبير ١٨/ ١٣٣ وابن أبي شيبة في المصنف ٦/ ٣١٧ والأصبهاني في دلائل النبوة ١/ ٣٧ والبيهقي في دلائل النبوة ٤/ ٢٧٧.

<<  <   >  >>