وهذه البينات والمعجزات التي يؤيد الله بها رسله هي: التي حولت سحرة فرعون الذين كانوا يقولون لفرعون قبل مواجهتهم مع موسى- عليه السّلام-: أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢)[الشعراء: ٤١- ٤٢] فوعدهم فرعون بما طلبوا، وزادهم أن يجعلهم من الحاشية، ولما ألقوا حبالهم وعصيّهم، وجاؤا بسحر عظيم استرهبوا به أعين الناس، أمر الله موسى أن يلقى عصاه فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (٤٥)[الشعراء: ٤٥] .
فكان رد الإيمان الذي وقر في قلوب السحرة بعد أن رأوا البينة والمعجزة أن قالوا: قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢)[طه: ٧٢] .
رأوا البينة والمعجزة، فامنوا بالرسول، وصدّقوه، فهانت الدنيا أمام وعد الآخرة، وصغر فرعون في أعين السحرة المؤمنين، وهان الموت أمام الإيمان.
وبينات الرسول ومعجزاته هي: القنطرة التي عبر عليها الصحابة من الكفر والتكذيب إلى الإيمان واليقين. فبعد أن كانوا من المكذبين الذين يرمون الرسول بالسحر والكهانة والشعر والافتراء، صاروا يتسابقون لامتثال أمره ويهتفون قائلين:" فداك أبي وأمي يا رسول الله".