للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي (ثمَّ) معنى استبعاد ترك الإيمان بعد أن قام عليه البرهان، كأنه قيل: حصل ما أوجب توحيدَه مِن خلق السماء والأرض وما بينهما، بناءً على أنَّه لو كان فيهما آلهةٌ أُخَر (١) لفَسَدَتا.

﴿بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ حُذف المفعول حفظًا (٢) على الفواصل، تقديره: يعدلون غيره؛ أي: يشركون به، وأصل العدل: المساواة؛ أي: ساوَوا بين اللّه تعالى خالق العالَم، وبين أصنامهم العاجزين عن الخلق.

ثم إنَّ هذا العطف ليس على قصد أنَّه صلةٌ أخرى أو بعضُ الصِّلة، بل على قصد أنه من الروادف لتلك الصلة (٣)، ولهذا حسُن كلمة الاستبعاد دون كلمة التَّشريك (٤)، ولتمحُّضها له (٥) تمحُّض الفاء للسببية في قولنا: ما تأتيني فأكرمَك، انقطع عنه (٦) عُلقةُ التَّشريك، فلم يكن في معنى (الحمدُ للّه) الذي عدَلوا به، ولتضمُّنه البشارة بالإشارة إلى غاية لطفه، ونهاية حِلمه (٧)، زاد وجه ذلك الإرداف حسنًا ولطافة.


= احتمالات العطف فقال: "إما معطوفة على جملة ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ إنشاءً أو إخبارًا، أو على قوله سبحانه. ﴿خَلَقَ﴾ صلة ﴿الَّذِي﴾، أو على ﴿الظُّلُمَاتِ﴾ مفعول ﴿وَجَعَلَ﴾. انظر: "روح المعاني" (٨/ ٢٣).
(١) في (ك) و (م): "آلهة إلا الله".
(٢) في (ف): "عطفًا".
(٣) "بل على قصد أنه من الروادف لتلك الصلة" من (ك) و (م).
(٤) يريد: أن العطف بـ (ثم) يفيد الاستبعاد، فاستخدامه هنا أحسن من استخدام حرف العطف الواو أو الفاء الذي يفيد التشريك.
(٥) في (ك) و (ح): "وبتمحضها له". وفي هامش (ف): "كيف تتمحض له وقد عرف أنها عاطفة. منه".
(٦) "عنه" سقط من (ح) و (ف).
(٧) في (ف): "حمله"، وفي (ح): "علمه".