للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويجوز عطفه على ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ (١)، والمعنى: أنَّه تعالى حقيقٌ بالحمد على ما خلقه تعالى نعمةً على العباد، ثم الذين كفروا به يعدلون عنه فيكفرون نعمتَه، وحذف صلة ﴿يَعْدِلُونَ﴾ إيقاعًا للإنكار على نفس الفعل، ووضع المظهَر (٢) موضع الراجع إلى الموصول؛ تنبيهًا على أنه خلق هذه الأشياء أسبابًا لتكوُّنهم وتعيُّشهم، فمن حقِّه أنْ يُحْمَدَ عليها ولا يُكْفَر، ومعنى ﴿ثُمَّ﴾ على هذا الوجه: استبعاد عُدولهم عنه بعد ذلك.

* * *

(٢) - ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾.

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾؛ أي: خلقَ أصلَ مادَّتِكم وهو الأغذية التي تتكون منها النُّطفة، أو مادَّة أصلِكم وهو آدم = كائنةً من طين، وللتَّباعد بين الخَلْق الصُّوري والتَّقدير المعنوي قال:

﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾: نوعًا من الأجل يحتمِل التَّجاوز عنه ﴿وَأَجَلٌ﴾ آخَرُ لا يحتمل، دلَّ على ذلك (٣) قوله:

﴿مُسَمًّى﴾؛ أي: مثبَتٌ معيَّن (٤)، وقد أفصح عن هذا التَّفصيلِ قولُه تعالى: ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [نوح: ٤] على ما تقف عليه وعلى ما بين الفاصلتين من المواصلة المعنوية في تفسير سورة نوح ، والذي عبَّر عنه ثمَّةَ بإضافة الأجل إلى اللّه تعالى هو المعبَّر عنه هاهنا بقوله:


(١) في هامش (ف): "فلم يصب النفي بمدخولها على ما حقَّقه ابن هشام في شذور الذهب".
(٢) في (ك): "وضع المظهر"، وفي (م): "وضع المظهر به".
(٣) في (م): "عليه".
(٤) في (م): "معنى".