للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبدة الأصنام إلا أنه نظر إلى عموم غير الله تعالى، وتغليب أولي النُّهى لأن فيه إنكار أن تصلح الأصنام للألوهية بطريقِ الأَولى، والمعنى: كيف أُشرك بمن هو فاطر السماوات والأرض ما هو نازلٌ عن مرتبة الحيوانيَّة.

وببنائهما للفاعل (١)، على أنَّ الثَّاني من أَطْعَمَ بمعنى اسْتَطْعَم (٢)، أو على أنه يُطعم تارةً ولا يُطعم أخرى؛ أي: وهو الباسط والقابض بحسب الحكمة والمصلحة (٣)، كقولك: هو يعطي ويمنع.

﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾؛ لأنَّ النَّبيَّ سابقُ أمَّتهِ في الإسلام، وهذا على طريق التَّحريض على الإسلام، كما يأمر الملك رعيَّته بأمرٍ ثم يُتْبعه بقوله: أنا أول مَن يفعل ذلك؛ ليَحملهم على فعله.

﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ عطفٌ على معنى قوله: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ﴾ فإنه بمعنى: قيل لي: كُنْ أوَّل مَن أسلم، فلا حاجة إلى تقدير: (وقيل لي: لا تكونن) (٤)؛ أي: أُمِرْتُ بالمسارعة إلى الإسلام، ونُهِيْتُ عن الشِّرك.

ولتعلُّق الأمر بالمسارعة دون نفْس الإسلام لم يؤكَّد تأكيدَ النَّهي المتعلِّق بنفس (٥) الشرك.

وقيل: يجوز عطفه على ﴿قُلْ﴾.


(١) نسبت للأشهب. انظر: "الكشاف" (٢/ ٩)، و"البحر" (٩/ ٥٧).
(٢) أي: (يُطْعِم ولا يَستطْعِم). انظر: "الكشاف" (٢/ ٩).
(٣) "والمصلحة" من (ك) و (م).
(٤) في (ح) و (ف): " "قيل في لا تكونن ".
(٥) في (ف) و (ك) و (م): "لنفس ".