للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لهذا الإيماء حيث قال: إن هذه المكالمة كان على لسان بعض الملائكة (١).

﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ﴾ مَنَع نظيرُ صَرَف، فحُمل عليه في التعدية بـ (إلى)، كأنه قيل: ما صرفك (٢) عن أنْ تسجد إلى أنْ لا تسجد (٣).

ولا يخفَى أن اعتبار الصرف أبلغُ في الكلام وأنسبُ للمقام، ومن هنا تبيَّن أنه لا دلالة في قوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] على زيادة (لا) في هذا القول؛ لانتظام معنى الصرف كِلَا القولين.

﴿إِذْ﴾ معمولة لقوله: ﴿مَنَعَكَ﴾؛ أي: ما منعك عن السجود في وقت ﴿أَمَرْتُكَ﴾ بالسجود فيه، فلا دلالة فيه على أن مطلق الأمر للفور، ولا على أنه للوجوب:

أمَّا الأول: فلأن الفور إنما لزم من تعيين وقتِ نفخِ الروح في بدن آدم في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٢٩] فإن فيه دلالةً على أن المأمور به السجدةُ في الحال، وفي تضاعيف المقال تلويحٌ إلى أنها كانت لتعظيم أمر النفخ وما يَظهر عنده من آثار القدرة الباهرة في الحقيقة وإن كانت في الظاهر لتعظيم آدم .

وأما الثاني: فلأن مبناه على أن تكون صيغة الاستفهام للتوبيخ، وأن يكون التوبيخ (٤) على عدم الائتمار.


(١) انظر: "تفسير الرازي" (١٤/ ٢١٠) نقلًا عن بعض العلماء لم يسمه.
(٢) في (ف): "ما منعك".
(٣) في هامش (ف): "هذا أولى مما ذهب إليه صاحب المفتاح من استعارة المنع للاضطرار؛ لأن استعارة أحد الضدين للآخر إنما تكون تملحاً أو تهكماً، وواحد منهما لا يناسب المقام. منه".
(٤) "وأن يكون التوبيخ" ليست في (ف).