للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكلٌّ منهما في مَعرِض المنع:

أما الأول: فلأن الظاهر من قوله: ﴿أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ص: ٧٥] الاستفسارُ والاستخبار عن سبب المنع.

وأما الثاني (١): فلاحتمالِ (٢) أن يكون التوبيخ على مخالفته لمن هم أعلى منه، وتركِ متابعته إياهم، كما هو الظاهر من قوله: ﴿أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٣١]؛ أي: أبى عن متابعتهم في أمر السجود.

وفي قوله: ﴿أَمَرْتُكَ﴾ دلالةٌ على أن إبليس كان مأموراً بالسجود لآدم بقوله تعالى للملائكة: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾، عبارةً كان ذلك أو دلالةً، والظاهر من قوله تعالى: ﴿أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ هو الثاني، على ما تقف عليه في موضعه.

﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾ لمَّا كان هذا القولُ منه جواباً من حيث المعنى عن (٣) السؤال على وجه التفصيل عن المانع المذكور في قوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ص: ٧٥] مستأنفاً (٤) فيه باختيار الشق الثاني من الترديد المذكور؛ أي: كنتَ من الذين لم يتناولهم الأمر دلالةً - لعلوِّ شأنهم - كما لم يتناولهم عبارةً، ذكر هنا في معرض الجواب عن السؤال على وجه الإجمال عن المانع، ومَن غَفَل عن هذا قال: إنه جواب من حيث المعنى مستأنَفٌ فيه استبعاداً منه لأنْ يؤمر الفاضل بالسجود للمفضول (٥)، فهو الذي قال بالحُسن والقُبح العقليين أولاً.


(١) "الاستفسار والاستخبار عن سبب المنع وأما الثاني" ليست في (ف).
(٢) في (ف): "لاحتمال".
(٣) في (ف): "على".
(٤) في (م) و (ك): "مستأنف".
(٥) في (م) و (ك): "بسجود المفضول".