للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا ترى الضبَّ بها يَنجحِرْ (١)

وإذا لم يَجزْ إنزال البرهان بالإشراك كان ذكرُ ذلك استهزاءً.

ثم إن في السلطان مزيَّةً على البرهان، من حيث إن البرهان: إظهارُ صحة المعنى وفسادِ نقيضه، والسلطان: إظهارُ ما يُتسلط به على نقيض المعنى بالإبطال، ولا يخفى ما في اعتبار هذه المزية واشتراطِ نزوله دون ظهوره من تعظيم أمر الشرك.

﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ﴾: وأن تفتروا عليه ﴿مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ إنما ذكره إظهاراً لزيادة قبح ما فعلوه، وإلا فالافتراء لا يكون عن عِلم.

* * *

(٣٤) - ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾.

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ الأمة: الجماعة التي على مقصدٍ واحد، والأجل: الوقت المضروب لانقضاء المُهَلِ، ففيه إشارةٌ إلى تقارُب أعمار (٢) أهل العصر الواحد، وأما الوعيدُ فمبناه على أن يكون المراد من الأجل مدةَ نزول العذاب، ولا يساعده أخذُ الكلِّية على ظاهرها.

﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾؛ أي: لا يتقدَّمون ولا يتأخَّرون.


(١) عجز بيت تقدم عند تفسير قوله تعالى: ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]، وقوله تعالى: ﴿بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ [آل عمران: ١٥١]، ومعناه: لا ضب ولا انجحار، وصدره:
لا تفزعُ الأرنبَ أهوالُها
(٢) في (ف): "إعمال".