للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فِي﴾ أبلغ من: إلى؛ لدلالته على الاستقرار والتمكُّن؛ كأنهم لم يرضَوا بأن يتظاهروا أنهم من أهل ملتهم.

﴿قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ﴾ الواو للحال، والهمزة للاستفهام الإنكاري؛ أي: أنعود فيها ونحن كارهون لها، أو: أتُعيدوننا (١) فيها على كراهتنا إياها.

* * *

(٨٩) - ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾.

﴿قَدِ افْتَرَيْنَا﴾ إخبارٌ مقيَّد بالشرط، وهو بمعنى المستقبل لأنَّه لم يقع لكنه جُعل كالواقع للمبالغة، وأُدخل عليه ﴿قَدِ﴾ لتقريبه من الحال؛ أي: قد افترينا الآن إنْ همَمنا بالعود في ملَّتكم بعد أنْ وفقنا الله تعالى للنجاة منها بالتوحيد؛ لأنَّا (٢) علمْنا أنْ لا شريك له، فإنْ زعمْنا أن له نداً فلا افتراءَ أعظمُ من افترائنا، وقد سبق معنى الافتراء ووجه تقييده بقوله: ﴿عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ (٣).

﴿إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ﴾ شرط جوابه محذوف دل عليه ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا﴾ وهو استئناف في معنى التعجُّب؛ كأنهم قالوا: ما أكذبَنا على الله تعالى إن عدنا؛ لأنَّا تحقَّقْنا التوحيد وتيقَّنَّاه فادِّعاءُ النِّد مع اعتقاد التوحيد افتراءٌ في غاية القبح.

وقيل: جواب قسم على تقدير حذف اللام؛ أي: لقد افترينا على هذا التقدير.


(١) في النسخ: "أتعيدنا"، والمثبت من "الكشاف" (٢/ ١٣٠)، و "تفسير البيضاوي" (٣/ ٢٤).
(٢) في (م): "ولأنا".
(٣) تقدم في هذه السورة عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٤٤].