للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا﴾؛ أي: حفظَنا عنها، فإن النجاة الحقيقية إنما تكون بعد الابتلاء، ولا ابتلاء هنا، فلا بد من المصير إلى أقربِ المجاز.

﴿وَمَا يَكُونُ لَنَا﴾ وما يصحُّ لنا ﴿أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا﴾ وقتَ ﴿أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا﴾ عودَنا، هذا هو الذي يقتضيه المساق، وتقدير الخذلان من خذلان التقدير (١).

﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ لم يقل: قدرةً، أو إرادةً (٢) لأن الإخبار عن سعة قدرته أو إرادته (٣) لكلِّ شيء إنما يناسب المقام إذا كان مَساق الكلام للإشعار بوقوع المستثنَى، وأما إذا كان مَساقُه للإشعار بعدم وقوعه فلا يناسب ذلك، إنما المناسب حينئذٍ الإخبار عن سعة علمه وحكمته، وفائدة هذا الأشعارِ حسمُ طمعهم في العود بالتعليق على ما لا يكون.

وفي زيادة ﴿رَبُّنَا﴾ مع تمام الكلام بدونه نوعُ تأييد للإشعار المذكور، وفضلُ تأكيد للحسم المزبور، من حيث إنَّ الربَّ في الأصل بمعنى التربية، وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئًا فشيئاً.

﴿عَلَى اللَّهِ﴾ خاصة ﴿تَوَكَّلْنَا﴾ في (٤) أن يثبتنا على الإيمان، ويحفظَنا من الشر والعدوان.

﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا﴾: احكُم بيننا وبينهم ﴿بِالْحَقِّ﴾ والفَتَاحة: الحكومة، والفتَّاح: القاضي.


(١) في هامش (ف): "دس الزمخشري هنا مذهبه الباطل ولم يتفطن البيضاوي. منه". وانظر: "الكشاف" (٢/ ١٣٠)، و "تفسير البيضاوي" (٣/ ٢٤)، و "البحر" (١٠/ ٢٠٢)، و "روح المعاني" (٩/ ٢٤٦).
(٢) في (ف): "وإرادة".
(٣) في (ف): "وإرادته".
(٤) "في": ليس في (م).