للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا﴾ مبتدأ ﴿كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾ خبرُه، وكذا ما بعده؛ أي: كأنْ لم يقيموا فيها؛ يقال: غَنِيَ بالمكان: إذا أقام به، والمَغاني: المنازل.

﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ﴾ بالَغَ في تقرير هلاكهم بوجوهٍ:

بالاستئناف (١) وإيرادِ الموصول كأنه قال: الذين كذبوا شعيباً هم المخصوصون بالاستئصال أحقَّاءُ به لتكذيبهم. وبقوله: ﴿كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾؛ أي: ما بقي أثرٌ منهم كأنْ لم يكونوا قط. وبالتكرير على الوجه الأول، وبكونهما اسميتين، وتعريفِ ﴿الْخَاسِرِينَ﴾ بلام الماهية، وبإطلاقه - أي: ﴿الْخَاسِرِينَ﴾ - في الدارين، وبتوسيط ﴿هُمُ﴾ في الثانية؛ أي: هم الأخصَّاء بالخسران المطلق لا الذين صدَّقوه واتَّبعوه كما زعموا، فإنهم الرابحون فيها.

كلُّ ذلك ردًّا لمقالة الملأ فيما بينهم، وتسفيهاً لرأيهم، واستهزاءً بنصح بعضهم لبعض.

* * *

(٩٣) - ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾.

﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾ كلام قاله بعد هلاكهم تأسُّفاً وتحزُّناً عليهم، ثم أنكر على نفسه أسفه وشدةَ حزنه عليهم فقال:

﴿فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ ليسوا بأهلٍ للحزن عليهم؛ لاستحقاقهم ما حل بهم بكفرهم.


(١) في (ك): "الاستئناف".