للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو قاله اعتذاراً عن عدم شدة حزنه عليهم؛ أي: لقد أَعذَرْتُ إليكم (١)، وبالغتُ في الإبلاغ، وبذلت وسعي في النصح لكم والتحذير عما نزل بكم، فلم تصدقوا قولي، فكيف آسى عليكم؟ أي: فلا أحزن عليكم بعد اللُّتيَّا والَّتي (٢)؛ لكفركم وكونِكم غيرَ مستحقِّين لذلك.

* * *

(٩٤) - ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ﴾.

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ﴾ تعديةُ (أَرسل) بـ (إلى)، وإنما أتى بـ ﴿فِي﴾ اعتباراً بمعنى الاستقرار، فإنه يدل على الاستمرار في أمر الإبشار والإنذار، وعند ذلك يظهر استحقاقهم بالأخذ الآتي ذكره.

﴿إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا﴾؛ أي: إلا آخذين أهلها، فهو استثناءٌ مفرَّغ من الأحوال.

﴿بِالْبَأْسَاءِ﴾: بالبؤس والفقر.

﴿وَالضَّرَّاءِ﴾: والضرِّ والمرض؛ لاستكبارهم عن اتِّباع النبي وتَعزُّزهم، والشدة والبلاء تُلين القلوب القاسية الأبية، وتذلِّل النفوس الطاغية القوية.

﴿لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ﴾: لكي يتذلَّلوا ويضعوا تيجان العز والكبر والنخوة.

* * *

(٩٥) - ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.


(١) في (ف): "إليهم".
(٢) في (ف) و (م): "التي واللتيا".