للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ﴾ لفظة ﴿ثُمَّ﴾ للدلالة على امتداد تلك الحالة، ويؤيده ما في عبارة المكان من الإشعار بالتمكُّن؛ أي: ثم أوردنا مكان الحالة السيئة الحالةَ الحسنة مبدِّلين إحداهما بالأخرى إكمالاً لأمر الابتلاء، قال الله تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ﴾ [الأعراف: ١٦٨].

والحكمة فيه: أن النفوس الجافية الغليظة تنقهِر وتنكسر بالبلاء والشدة، والنفوسَ اللطيفة تنقاد وتطيع بالسعة والنعمة.

﴿حَتَّى عَفَوْا﴾: كثروا عَدداً وعُدداً بالنموِّ في أنفسهم وأموالهم، من عفا النباتُ: إذا كثُر، ومنه قوله : "وأعفوا اللحى" (١).

﴿وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ﴾ بطراً وأشراً بالنعمة، ونسياناً للنقمة، واعتقاداً أن هذه عادةُ الدهر يُضيق تارة ويوسع أخرى، ويتعاقب فيه المحنة والمنحة كما عليه حال آبائنا، فلم يروا ذلك ابتلاء من الله تعالى.

﴿فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ لمَّا لم يتنبهوا من غفلتهم بإحدى الحالتين فلم يبق إلا أن أخذناهم أشدَّ الأخذ بالعذاب، وهو الأخذ فجأة من غير شعورٍ لأنَّه أعظم حسرةً.

* * *

(٩٦) - ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى﴾ اللام للعهد والإشارةِ إلى القرى التي دلَّ عليها ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ﴾.


(١) رواه البخاري (٥٨٩٢)، ومسلم (٢٥٩/ ٥٢)، من حديث ابن عمر .