للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَخَرَّ﴾: سقط ﴿مُوسَى صَعِقًا﴾ مغشيًّا عليه كحالِ مَن تصيبه الصَّعقةُ، لا لهولِ ما رأى من تلاشِي الجبل وإلا لكان حقُّ النظم العطفَ بالفاء، ولمَّا عُطف بالواو عُلم أنه أيضًا ترتَّب على التجلِّي للجبل.

﴿فَلَمَّا أَفَاقَ﴾؛ أي: من غشيته ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ قال الإمام أبو نصر: خرج هذا الكلام منه مخرجَ العادة عند رؤية الأفزاع حسَب ما يجري على ألسنة الأنام عند الأخطار، لا عن ذنبٍ يتذكَّرونه فيتوبون عنه، ونظيرُ هذا التسبيحِ ما في قول عيسى : ﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾ [المائدة: ١١٦] ونظير ذكر التوبةُ من غير ذنب ما في قول النبيِّ في كلِّ يوم مئةَ مرة: "أستغفر الله وأتوب إليه" (١).

﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾؛ أي: بما أُخبرت به في حق الرؤية من أنه لا يُطيقها هذه البنية للبشر (٢)، وإنما أخفى عليه إلى (٣) ذلك الوقتِ أنه لا يُعطي الخلق رؤيته في الدنيا مع جوازها ليوجَد منه سؤالُ الرؤية بناءً على معرفة جوازها؛ ليتحقق جواز الرؤية بسؤاله ذلك، فيكونَ حجة قاطعة لأهل الحق على المنكرين له من أهل البدعة.

* * *

(١٤٤) - ﴿قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾.


(١) رواه مسلم (٢٧٠٢) من حديث الأغر المزني .
(٢) في (ف): "للبشرية".
(٣) تحرفت في (ف) و (ك) إلى: "أي"، وسقطت من (ف) و (م): "عليه".