للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ﴾ كنايةٌ عن اشتداد ندمهم وتحسُّرهم؛ لأن مِن شأن النادم الشديد التحسُّر أن يَعَضَّ يده غمًّا، فتصير يده مسقوطًا فيها؛ لأن فاه قد (١) وقع في يده بلا اختيار.

وقرئ: (سَقط) على البناء للفاعل (٢) كمرض (٣)؛ أي: وقع العضُّ فيها.

وقال الزجَّاج: إنه تشبيه بما يحصل في النفس وتصويرٌ للمعقول في القلب، فمعناه: سقط الندم في أنفسهم؛ كما يقال: حصل في يده مكروه (٤).

﴿وَرَأَوْا أَنَّهُمْ﴾ وعلموا أنهم ﴿قَدْ ضَلُّوا﴾ باتخاذه ﴿قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا﴾ وقرئ: (ربَّنا) بالنصب على النداء (٥).

انقطاع إلى الله تعالى، واعترافٌ بعظَم ما أَقدموا عليه، ولما كان ذنبُهم أعظمَ الذنوب بدؤوا بالرحمة التي وسعت كلَّ شيء، ومن نتائجها غفرانُ الذنب (٦).

﴿وَيَغْفِرْ لَنَا﴾ بالتجاوز عن الخطيئة.

﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾: من المغبونين في الدنيا والآخرة.


(١) "قد"من (ك).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٣٧٨)، و"المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٤٦)، و"الكشاف" (٢/ ١٦٠)، و"المحرر الوجيز" (٢/ ٤٥٥)، و"البحر" (١٠/ ٣٢٠).
(٣) قوله: "كمرض"، كذا في النسخ، وهو خطأ؛ لأن المبني للفاعل من (سقط) هو من باب دخل كما في "مختار الصحاح" (مادة: سقط)، بل إن ابن عطية قيد القراءة فقال: (وقرأت فرقة: "سَقَط" بفتح السين والقاف حكاه الرجاج). أما (مرض) فهو مكسور العين فلا يطابق الممثَّل في الوزن.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٣٧٨) بنحوه.
(٥) هي قراءة حمزة والكسائي، قرأا: ﴿لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا﴾. انظر: "التيسير" (ص: ١١٣).
(٦) في (ف): "الذنوب".