للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في سورة البقرة (١)، غيرَ أن هناك: ﴿وَادْخُلُوا﴾ وهنا: ﴿اسْكُنُوا﴾ والسكنى يتعقَّب الدخول، فأُمروا هناك بالمبدأ وهنا بما تسبَّب عنه، وهناك: (فكلوا) بالفاء وهنا بالواو، وذلك لأن الدخول حالةٌ منقضية (٢) فحَسُنَ ذكر فاء التعقيب بعده، والسكنى حالةٌ مستمرَّة فحَسُنَ الأمر بالأكل معه لا بعده، وأثبت (رغدا) هناك بعد الأمر بالدخول لأنها حالةُ قدوم فالأكل فيها ألذُّ، بخلاف السكنى المذكور هنا، فإنها حالة استقرار واطمئنان فليس الأكل فيها كالأكل عند الدخول، وأما تقديم الحِطَّة على الدخول وتأخُّرُها عنه فلا تفاوت فيه لأن الواو للجمع لا للترتيب، وأما قوله: ﴿وَإِذْ قِيلَ﴾ في مقام ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ على حذف الفاعل للعلم به، وأما (أنزلنا) و (أرسلنا)، و ﴿يَفْسُقُونَ﴾ و ﴿يَظْلِمُونَ﴾ فمن وادٍ أحد.

﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ وعدٌ بالغفران والزيادةِ عليه بالإثابة.

قيل: وإنما أُخرج الثاني مخرج الاستئناف للدلالة على أنه تفضُّلٌ محضٌ ليس في مقابلةِ ما أُمروا به. ومبناه الغفولُ عن الواو الجامعة بينهما في سورة البقرة الدالةِ على التشريك في المقابلة المذكورة.

* * *

(١٦٢) - ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ﴾.


(١) الآية: (٥٨) منها، وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾.
(٢) في (م) و (ك): "مقتضية" وهو تحريف.