للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعث الله تعالى عليهم بعد سليمان بُخْتَ نَصَّرَ، فخرَّب ديارهم، وقتل مقاتِلتَهم، وسبى نسائهم وذراريهم، وضرب الجزية على مَن بقي منهم، وكانوا يؤدُّونها إلى المجوس إلى أن بعث الله محمدًا فضربها عليهم لا إلى آخر الدهر - كما قيل (١) - بل إلى نزول عيسى ؛ لأنَّه بعد نزوله من السماء يضع عنهم الجزية على ما ورد في الحديث المرفوع (٢)، وعند ذلك ينقلبُ تكليف الجزية إلى أَشَدِّه وهو تكليفُ الإسلام بالقتل (٣)، وسوءُ العذاب ينتظِمُهما (٤).

ويجوز أن يكون المراد من يوم القيامة: وقتَ ظهور بعض شرائطها (٥)، فحينئذ لا حاجة إلى تعميم سوءِ العذاب، والله أعلم بالصواب.

﴿نَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ﴾ لا يحتاج إلى إعداد الآلات وإحضار الأسباب ﴿وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ من تاب وأناب.

* * *

(١٦٨) - ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.


(١) "كما قيل": ليست في (م) و (ك). والقائل الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ١٧٣).
(٢) رواه البخاري (٢٢٢٢)، ومسلم (١٥٥)، من حديث أبي هريرة . وتعقب الآلوسي هذا الكلام بقوله: ولا ينافي ذلك [أي: كونُها مضروبة إلى آخر الدهر] رفْعَها عند نزول عيسى ؛ لأن ذلك الوقتَ ملحق بالآخرة لقربه منها، أو لأن معنى رفعه إياها عنهم أنه لا يقبل منهم إلا الإسلام ويخيرهم بينه وبين السيف، فالقوم حينئذ إما مسلمون أو طعمةٌ لسيوفهم فلا إشكال. انظر: "روح المعاني" (٩/ ٤٣٨).
(٣) يعني: لا يقبل منهم إلا الإسلام، فيخيرون بينه وبين القتل. انظر التعليق السابق.
(٤) في (ف): "ينتظمها".
(٥) في (م): "أشراطها".