للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٦٦) - ﴿فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾.

﴿فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ﴾: طَغَوا وتكبروا عمَّا نُهوا عنه، وزادوا عصيانًا وتَفَرْعُنًا.

﴿قُلْنَا لَهُمْ﴾ على طريقة الأمر التكويني: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾؛ أي: مسخناهم دفعةً.

﴿خَاسِئِينَ﴾: أذلَّاءَ مُبْعَدِين عن الناس، وقد مرَّ ما يتعلق بهذا في تفسير (١) سورة البقرة.

والظاهر من المعنى: أن الله تعالى عذَّبهم أولًا بعذابٍ شديد، فلم ينتهُوا وعَتَوا بعد ذلك فمسخهم.

وقيل: ﴿فَلَمَّا عَتَوْا﴾ تكريرٌ وتقريرٌ لقوله: ﴿فَلَمَّا نَسُوا﴾.

والعذاب الشديد: هو المسخ، وعن مجاهد: مُسخت قلوبهم لا أبدانُهم (٢).

* * *

(١٦٧) - ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ﴾ ﴿تَأَذَّنَ﴾: عَزَم، وهو تفعُّلٌ من الإيذان وهو الإعلام؛ لأن العازم على الأمر يؤذِن نفسَه به ويحدِّثها، ومثلُه في التفعُّل بمعنى الإفعال: تَوَعَّدَ، بمعنى: أَوْعَدَ، وأُجري مُجرى القَسَم كعَلِمَ اللهُ وشَهِدَ اللهُ، ولذلك أُجيب بما يُجاب به القسم وهو:

﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ﴾، أي: عزم ربك وأَوْجَب على نفسه ليسلِّطنَّ على اليهود ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ﴾: يكلِّفُهم ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾ كالإذلال وضرب الجزية.


(١) "تفسير"من (م).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٦٥).