للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نُعت به، ولذلك يستوي فيه الواحد والكثير، وقيل: جمع، قال ثعلبٌ: الناس كلهم يقولون: خَلَفُ صِدْقٍ، للصالح، و: خَلَفُ سوءٍ، للطالح.

وكأنه غافل عن قول حسَّان في المدح:

لنا القَدَمُ الأولى إليكَ وخَلْفُنا … لأوَّلنا في طاعةِ الله نافعُ (١)

والمراد به: الذين كانوا في عصر رسول الله .

﴿وَرِثُوا الْكِتَابَ﴾: التوراةَ من أسلافهم يقرؤونها ويقفون على ما فيها ولا يعملون.

وفي عبارة ﴿وَرِثُوا﴾ إشارة إلى أنها وصلت إليهم بلا استحقاقٍ منهم كما يصل المال الموروثُ من المورِّث الصالح إلى الوارث الطالح.

﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى﴾؛ أي: حطامَ هذا الشيء الأدنى، وهو ما يأخذونه من الرُّشا في الأحكام، وعلى تحريفِ الكلِم للتسهيل على العامة.

و ﴿الْأَدْنَى﴾: إما من الدنوِّ بمعنى القُرْب؛ لأنَّ الشيء الحقيرَ سهلُ التناول قريبُ المأخذ، وإما من الدناءة بمعنى الخسَّة والمراد به الدنيا وما يُتمتَّع به منها.

والإشارة بـ ﴿هَذَا﴾ لمزيد التحقير، والجملة حالٌ من ضمير ﴿وَرِثُوا﴾، أو صفةٌ بعد صفةٍ.

﴿وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ﴾؛ أي: إذا عُوتبوا على ذلك اعتذَروا بما يَرْجونه من سَعة رحمة الله تعالى، ويقولون: لا يؤاخِذُنا الله تعالى بما أَخذْنا وَيتجاوز عنا (٢)، وهو يَحتمِل العطفَ والحالَ، والفعلُ مسنَدٌ إلى الجارِّ والمجرور، أو إلى مصدرِ ﴿يَأْخُذُونَ﴾.


(١) انظر: "ديوان حسان" (ص: ٣١٠).
(٢) "عنا" من (م).