للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليكم، وهذا لا يقتضي تيقُّنهم بوقوع الجبل بهم، وكذا عدمُ ثبوت الجبل في الجوِّ لا يقتضيه؛ لأنَّه على جَرْي العادة، وأما على تقدير خَرْقها (١) فلا بُعد فيه، وعدمُ وقوع المتعلّق لا يصلح وجهًا لإطلاق الظن على الاعتقاد الجازم، لعدم الفرق بينهما في عدم الاقتضاء بوقوعه، فالوجه أن يكون الظنُّ هنا على حقيقته (٢).

﴿خُذُوا﴾ على إضمار القول، أي: وقلنا: خذوا، أو قائلين: خذوا ﴿مَا آتَيْنَاكُمْ﴾ من الكتاب ﴿بِقُوَّةٍ﴾: بجِدٍّ وعزم على احتمالِ تكاليفه ومشاقِّه، وهو حال من الواو.

﴿وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ﴾ بالعمل فيه ولا تتركوه كالمنسيِّ.

﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ ما أنتم عليه من قبائح الأعمال ورذائل الأخلاق.

* * *

(١٧٢) - ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾.

﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾؛ أي: أَخرج من أصلابهم بَنيهِم على ما يتولَّدون قرنًا بعد قرن، ﴿مِنْ ظُهُورِهِمْ﴾ بدل من ﴿بَنِي آدَمَ﴾ بدلَ البعض، والضميرُ لآدم وبنيهِ لا لبنيهِ خاصةً، ولا يلزم إخراجُ أولاده من حيِّز (٣) الإرادة، وأما عيسى فخارجٌ من ظهر جدِّه بواسطة أمِّه.


= (٣/ ٤١)، و"روح المعاني" (٩/ ٤٤٧).
(١) في النسخ: "خرقه"، والصواب المثبت. انظر: "روح المعاني" (٩/ ٤٤٦).
(٢) في هامش (ف): "يعني: أن اليقين المذكور بمعنى الاعتقاد الجازم كما هو المناسب لاعتبار البلغاء، لا الاعتقادِ المطابق للواقع كما هو مصطلح الحكماء".
(٣) في (ك): "غير".