للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾؛ أي: نَصَب لهم دلائلَ رُبوبيَّته، وركَّب في عقولهم ما يَدْعوهم إلى الإقرار بها، حتى صاروا بمنزلةِ مَن قيل لهم: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ ونزَّل تمكينَهم من العِلم بها وتمكُّنهم منزلةَ الإشهاد والاعتراف على طريقة التمثيل، ويدلُّ عليه قوله:

﴿قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ (بلى) في سؤال النفي إثباتٌ، فكان إقرارًا والإقرارُ بدون الاعتقاد لا يكون شهادة، ولهذا ردَّ الله تعالى قول المنافقين قالوا: ﴿قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ [المنافقون: ١] فالتصديق ثبت بمقتضى قولهم: ﴿شَهِدْنَا﴾.

﴿أَنْ تَقُولُوا﴾؛ أي: كراهةَ أنْ تقولوا ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ لم نتنبَّه (٤) عليه.

* * *

(١٧٣) - ﴿أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾.

﴿أَوْ تَقُولُوا﴾ عطفٌ على ﴿أَنْ تَقُولُوا﴾، وقرئ كلاهما بالياء (٥) على ما دَل عليه (٦) أول الكلام من الغيبة.

﴿إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ فاقتدينا بهم (٧)؛ لأن التقليد عند قيام الدليل والتمكُّن من العلم به لا يَصلح عذرًا.


(٤) في (ف): "ننبه". وفي (ك): "يتنبه".
(٥) هي قراءة أبي عمرو، وباقي السبعة بالتاء. انظر: "التيسير" (ص: ١١٤).
(٦) "دل عليه" سقطت من (ف)، و"دل" سقطت من (م).
(٧) في (م): "فاقتديناهم".